أهمية الكتاب المدرسي
يعتبر الكتاب المدرسي من الأدوات
المتعددة التي تستعين بها المراجع الدراسية لتحقيق أهدافها، فهو الأداة المتاحة
والممكنة التي تصل إلى المدرس والمتعلم في كل مكان، وهي المرجع الأساسي للمادة
العلمية للتلميذ والمادة التعليمية للمدرس، لكونه ركيزة أساسية في العملية
التعليمية التعلمية، فهو يمثل الترجمة الصحيحة للأهداف التربوية المسطرة.
كما يعد وسيلة فعالة لنقل
الخبرات التربوية للمتعلم، "فمن هذه المنطلقات تأتي أهمية الكتاب المدرسي،
مما يستلزم ضرورة الاهتمام به وتجاوز أي عقبات من شأنها أن تحول بين الكتاب
المدرسي وتحقيق أهدافه التربوية والتعليمية" ، فضلا عن هذا فإنه في حالة الافتقار
إلى العدد الكافي من المدرسين والمحدودية التي يتسم بها إعدادهم، وتمثل الكتب
المدرسية معينات لا غنى عنها للمحافظة على مقاييس النوعية وتوجيه المناهج".
يعد
الكتاب المدرسي من الأدوات الرئيسة التي يعول عليها المجتمع في إعداد أفراده،
وبناء شخصياتهم في ضوء الأهداف العامة لهذا المجتمع وفق سياسته العليا وخططه
المتعددة لشؤون التعليم، خاصة وأن الكتاب المدرسي جزء لا يتجزأ من النظام التعليمي
المتداول في أغلب دول العالم، الأمر الذي يتطلب وجوده ليكون معيارا للحكم بالنسبة
للمتعلمين، ومصدرا للأسئلة والتقويم والمنافسة.
وإذا
كان الكتاب المدرسي يظم في بين دفتيه المحددات العلمية والمعرفية، التي توظف دخل
إطار منهج معين، فان هذا الأخير يصنف المعرفة الإنسانية إلى مواد وفروع، ويعطي لكل
فرع خصائص المادة المستقاة، فيكون له مقرر وتوضع له مفردات ويحدد له منهج دراسي،
مما يبرز أهمية الكتاب المدرسي في تنفيذ الأهداف المتوخاة لهذا المنهاج من جهة،
وفي تحقيق الإتصال التربوي من جهة أخرى، خاصة وأنه من الوسائل التعليمية التي
يرتكز عليها المدرس باعتباره مصدرا مهما لتخطيط عمله ومرشدا يهتدي به في إعداد
الدروس، فهو يمثل الإطار المرجعي الذي يحتكم إليه ويتصرف في حدوده، فضلا عن كونه
يقدم للمدرس مادة علمية وتربوية يعتمد عليها في التدريس،ويعد أداة من أدوات
التعليم.
أما
بالنسبة للمتعلم فإن الكتاب المدرسي يعد مرجعا مهما أثناء المراجعة أو الاستعداد
للاختبارات، فهو يقدم للمتعلم المعلومات والأفكار التي تكون أساسا للحكم على
مستواه التحصيلي ومشواره الدراسي، إضافة إلى دوره الكبير في تنمية وتدريب المتعلم
على عملية التعلم الذاتي من خلال التقليل من الاعتماد على المدرس باعتباره المصدر
الوحيد والأوحد لاكتساب المعلومات والخبرات، هذا إلى جانب نهوض الكتاب المدرسي
بدور مهم في تعزيز القيم لدى المتعلم من خلال تنمية الشعور بالمسؤولية والانتماء
والوعي بأهمية الإرث الحضاري الإنساني...
بناء على ما سبق، يعتبر الكتاب المدرسي أحد
الروافد المهمة والمساعدة للعملية التعليمية التعلمية وأهدافه العامة.فهو من أهم
الوسائل التي تساهم في تشكيل عقلية المتعلم وتكوين قدراته وتنمية مواهبه وزيادة
معارفه وإكسابه المعارف والمهارات المختلفة وتنمية الاتجاهات السلوكية البناءة[1].
أهداف الكتاب المدرسي
يهدف
الكتاب المدرسي إلى:
_ أن يكون أداة تساهم إلى جانب
عناصر أخرى،في تحقيق جودة التربية و التكوين.
_ أن يرمي إلى تنمية كفايات التعلم
الذاتي المستديم.
_ أن
يعمل على تعزيز التمكن من الكفايات الأساسية.
_ أن يسهم في تنمية مختلف جوانب
الذكاء لدى المتعلم.
_ أن يساهم في تحقيق التفاعل بين
التعلمات و بين محيطها السوسيوثقافي و الاقتصادي.
وظائف الكتاب المدرسي،فيمكن إجمالها
في ما يلي:
وظيفة تربوية: تتمثل في تنظيم أنشطة التعليم و
التعلم وفق مقاربات منهجية تحقق أهداف المنهاج في أقل وقت و بأقل جهد ممكنين.
وظيفة
اجتماعية: تتمثل
في كونه يلعب دور الموازن بين الثقافة المدرسية و الثقافة الاجتماعية،و يرسخ
الثقافات و القيم التي يعانقها المجتمع.
وظيفة
سوسيو ثقافية: تتجلى في كونه يؤدي دور الحامل و
المروج للقيم و المعايير الثقافية الأصيلة التي تحقق روح المواطنة لدى المتعلم من
جهة، ودور النافذة التي يطل من خلالها هذا الأخير على العالم الخارجي من جهة ثانية[2].
_ المعايير الضابطة لتصور و إعداد
للكتاب المدرسي:
انسجاما
مع هذه الاهداف وتلك الوظائف،واعتبارا لكون الوضعية المأمولة للكتاب المدرسي في
بلادنا،بما تتطلبه شروط الجودة و التلاؤم لا تتحقق إلا من خلال تصور الكتاب
المدرسي على أساس أنه مشروع علمي تربوي،يستلزم مراعاة جملة من المعايير الموضوعية
نصنفها في ثلاث مستويات:تربوي وديداكتيكي و تقني.
المستوى
التربوي: ويتضمن المعايير التالية:
معيار
الملاءمة مع المنهاج:
ينطلق
تصور الكتاب المدرسي من فلسفة تربوية واضحة المعالم،استنادا إلى منهاج يأخذ بعين
الاعتبار الخصوصيات الوطنية و الحضارية -ويعتبر العلاقة النسقية التي تربط الكتاب
المدرسي بباقي مكونات المنهاج- عاملا محددا لاختيار مضامينه وطرق اشتغاله
*معيار
الملاءمة السوسيوثقافية:
و
يقتضي أن يعكس الكتاب المدرسي القيم الثقافية و الوطنية و الحضارية للمجتمع دون
إغفال الخصوصيات الجهوية و المحلية في أفق ترسيخ الهوية الثقافية المجتمعية. من
جهة أخرى، يفترض أن يراعي مستوى تطور المجتمع و يساهم في تقريبه للمتعلم، وذلك من
خلال إدراج قضايا و إشكالات ثقافية جديدة و معاصرة(ثقافة حقوق
الإنسان،التنمية،الديمقراطية،البيئة).
معيار
الملاءمة السيكولوجية:
و
يركز هذا المعيار على مراعاة خصوصيات الفئة المستهدفة، باعتبار أن كل الأنشطة
المقدمة ممركزة حول شخص المتعلم كما يعني هذا التلاؤم اعتماد طرائق تأخذ بعين
الاعتبار الفروق الفردية،و التركيز على أنشطة تفاعلية تمكن المتعلم من المساهمة في
بناء الكفايات و توظيف مكتسباته منها في وضعيات جديدة.
معيار
الملاءمة البيداغوجية:
يتعلق
الأمر هنا بالمقاربات البيداغوجية المعتمدة في عملية التعليم و التعلم، كأن يعتمد
الكتاب المدرسي على مقتضيات بيداغوجيا الإدماج مثلا.
ومن
زاوية ثانية، من الضروري استناد هذه المقاربات إلى النشاط الذاتي للمتعلم من خلال
إعطاء الأولوية للوضعيات التي تستثمر الصراع السوسيومعرفي لدى المتعلم بين
مكتسباته و بين المشكلات الجديدة التي تسعى إلى معالجتها
المستوى
الديداكتيكي: ويشمل المعايير التالية:
معيار
تنظيم المحتوى على أساس ديداكتيكي:
لا
يمكن تصور عمل تعليمي منفصل عن المحتويات المعرفية التي تعتبر مادة اشتغاله. وعليه،
فإن هذا المعيار يركز على تحديد نوع المعارف و تبيان طبيعتها. وفي هذا الصدد يمكن
التمييز بين:
_ معارف
تكتسب لذاتها.
_ معارف
تكتسب من أجل توظيفها.
_ معارف
تعتبر كأدوات لتنمية مؤهلات التوافق لدى المتعلم
من
ناحية ثانية، يركز هذا المعيار على النقل الديداكتيكي للمعارف، بمعنى الانتقال من
مستوى المعرفة العالمة بمفاهيمها و منطلقها الداخلي إلى مستوى المعرفة المدرسية
التي يتحدد فيها القدر المراد تقديمه من هذه المعرفة.
معيار
الملاءمة الأكاديمية للمحتويات:
يطرح
هذا المعيار في الوقت الراهن بشكل أكثر إلحاحا مما مضى. فهو يقتضي من الساهرين على
إعداد الكتب المدرسية أن يتوخوا الدقة و المصداقية في المعارف المقترحة، و يستلزم
تحيين المعارف كلما اقتضى الأمر ذلك، كما يفرض طرح المعرفة العلمية بشكل موضوعي
تفاديا للإسقاطات الأيديولوجية من طرف المدرس الذي سيقوم بتمريرها.
معيار
المقاربة الفارقية:
و
المقصود به اعتماد مدخلات و أنشطة متعددة و متنوعة تسمح بمسارات فارقية تناسب
القدرات المتفاوتة لتلاميذ القسم الواحد، وتمكن في النهاية من حصول التعلم لدى
الجميع، بدل تقديم مسار واحد يؤدي إلى تنميط تفكير التلاميذ فيقبر إمكانيات
المتفوقين و يقيد الضعفاء منهم بمسار قد لا يستطيعون استيعابه ومسايرته.
معيار
التحكم في أدوات التعلم الذاتي:
ويفترض
هذا المعيار أن الكتاب المدرسي لا يستطيع تقديم كل المعارف المرتبطة بموضوع واحد، ومن
ثم وجب على واضعيه أن يقدموا مفاتيح منهجية تسمح للمتعلم باكتساب كفايات تدبير
تكوينه الذاتي خارج الكتاب المدرسي.
معيار
الملاءمة اللسنية و التواصلية:
يقتضي
هذا المعيار اختيار مستوى الخطاب الذي سيؤطر المادة المعرفية، و آليات التواصل
التي تساعد المتعلم على استيعاب المادة المعرفية المراد بناؤها.
المستوى
الشكلي و التقني:
يتضمن
هذا المستوى المواصفات الشكلية العامة التي تسمح باستغال الكتاب المدرسي على أفضل
وجه، و الجوانب التقنية و الفنية المتدخلة في إنتاجه المادي:
ü المواصفات الشكلية العامة:
· تنظيم و تهيئة فضاء الكتاب المدرسي ليصبح أكثر جاذبية
وتحفيزا للمتعلم
· وضع منهجية مبسطة لاستثمار الكتاب المدرسي بشكل واضح و
سليم في إطار تعاقد بيداغوجي يحدد ما سيقدمه الكتاب المدرسي وما ينبغي على التلميذ
إعداده لاستيعاب المضامين.
· وضع جدول إإجمالي يقدم الكفايات المستهدفة و المحتويات
الموضوعاتية و المكونات و ألأنشطة المرتبطة لضمان المحافظة على السمة الشمولية و
علاقة التكامل بين مختلف مكونات المنهاج.
· وضع دليل للمفاهيم و المصطلحات الأساسية بلغتين.
· إدراج المراجع البيبليوغرافية للمحتويات قصد تعويد
المتعلم على التوثيق و النزاهة الفكرية
ü الجوانب التقنية و الفنية:
و
يتعلق الأمر بالتقديم المادي للكتاب المدرسي:
· صفحة الغلاف:بطاقة هوية الكتاب العنوان-
المادة- المؤلفون- المستهدفين- سنة الطبع- مصادقة وزارة التربية الوطنية.
· جمالية الكتاب: نوع
الورق،حجم الكتاب،الألوان التي تم توظيفها
· الحروف المطبعية: حجمها،و
ينبغي أن تراعي المقاييس المتعارف عليها علميا.
· الصور و الرسوم و البيانات: أن
تكون خالية من أية إشارة أو علامة من شأنها أن تمس بالمقدسات الوطنية و الدينية و
الثقافية،وخالية من الإشهار المقصود أو غير المقصود
· كتلة الكتاب المدرسي: وملاءمته
مع البنية الجسدية للمتعلم
ü شروط إدارية و تنظيمية: وتتعلق
بالثمن و المنافسة الشريفة
تلكم
كانت بعض المعايير الواجب الالتزام بها في إعداد الكتاب المدرسي، وقد أقرتها
الأدبيات التربوية على المستوى الدولي وخلصت إليها اللجان المختلفة التي اشتغلت
على إعداد تصور الوضعية المأمولة للكتاب المدرسي المغربي.نأمل أن تتحقق كل هذه
المعايير أو جلها في الكتب المدرسية المقبلة لنتجاوز النقائص التي تكتنف المجهودات
التي بدلت في التجارب السابقة[3].
[1] مقال لكلخة
(منير) "الأخطاء المعرفية والمنهجية بالكتاب المدرسي لمادة الاجتماعيات مادة
التاريخ نموذجا (الجزء 1) على الموقع الإلكتروني
[2] (مقال للكاتب عبد الله الويزي، مفتش التعليم الابتدائي، تحت عنوان
"معايير تصور وإعداد الكتاب المدرسي" على شبكة الانترنيت Tpi http://www.dafatiri.com/vb/showthread.php?t=352355
[3] (مقال للكاتب عبد الله الويزي، مفتش التعليم
الابتدائي، تحت عنوان "معايير تصور وإعداد الكتاب المدرسي" على شبكة
الانترنيت Tpi http://www.dafatiri.com/vb/showthread.php?t=352355
إرسال تعليق